محمد إسماعيل ياسين
لا يحتاج المرء إلى كثير عناء حتى يحكم ببؤس حال الطفل الفلسطيني الذي قدر له إبصار النور في ظل أبشع احتلال عرفه التاريخ، كما لا يحتاج المرء لمطالعة بنود اتفاقية الطفل المحفى بها عالمياًَ هذه الأيام حتى يدرك مدى الغبن اللاحق بالطفل الفلسطيني دون جريرة ارتكبها سوى أنه فلسطيني الهوية، الأمر الذي يعني أنه مهضوم الحقوق ومسلوب الحرية رغم تغني العالم المتحضر بحقوق الإنسان صباح مساء. ولئن كان أطفال العالم يبحثون عن حقوقهم الثقافية والاجتماعية، فإن الطفل الفلسطيني ينشد الحق في البقاء كما تنص على ذلك الاتفاقية المكونة من 54 مادة بروتوكولين اختياريين، والتي تؤكد أيضا على حق الطفل في الحماية من التأثيرات المضرة، وسوء المعاملة والاستغلال، حيث تفيد إحصائيات فلسطينية رسمية أن ما يزيد عن 300 طفل استشهدوا خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وأصيب 1872 آخرون، بينهم 500 أصيبوا بإعاقات جسدية. يحتفي العالم بهذه الاتفاقية التي لاقت قبولاً واسعاً بين الدول حتى بلغ عدد الموقعين عليها أكثر من 190 دولة، فيما يقبع في سجون الاحتلال الإسرائيلي المئات من الأطفال الفلسطينيين الذين يتعرضون لأشكال مختلفة من التعذيب وسوء المعاملة والقهر من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية، دون أن يستدعي ذلك التحرك المطلوب من قبل المنظمات المعنية بالطفولة في العالم لحماية الأطفال الفلسطينيين وإنهاء معاناتهم المستمرة في باستيلات الاحتلال. إن مروراً سريعاً على اتفاقية الطفل يكشف مدى الإجحاف بحقوق الطفل الفلسطيني الذي يرزح تحت نير واقع مؤلم لا يمكن وصفه بكلمات عابرة، لاسيما في ظل الحصار الظالم الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، الحق في التعليم منتهك من خلال قصف المدارس ومرافق التعليم، كما حدث في قصف مدرسة الفاخورة شمال غزة، أضف إلى ذلك الحيلولة دون دخول مستلزمات الدراسة من قرطاسية وكتب ومواد مساعدة. لا يعني هذا الكلام أن نعفي أنفسنا من المسؤولية عن واقع الطفل الفلسطيني من خلال توجيه أصابع الاتهام نحو الاحتلال, الشماعة الحاضرة دائماً وأبداً، لأن مسؤوليتنا عن حماية الطفل الفلسطيني كبيرة؛ ولا يمكن القفز عنها بأي حال من الأحوال، بل إنها تتضاعف في ظل صراعنا المرير مع الاحتلال، وهذا يستدعي العمل الجاد والحقيقي من خلال خطط واضحة للارتقاء بواقع الطفل الفلسطيني وكفالة حقوقه المختلفة وفق الإمكانيات المتاحة. المؤسسات الرسمية والأهلية المعنية بالطفولة مدعوة لمضاعفة جهودها، وتعزيز التنسيق فيما بينها، وصولاً لغد أفضل للطفل الفلسطيني الذي يستحق الكثير. |