نوم خارج الفراش

ΛĐMIИ مشاركات,,. : 59460

آخر الصور التي استيقظت معي تلك الصبيحة: صورتي و أنا أتلاشى على الأريكة و زجاجة منهكة على يميني و سيجارة تقضي أنفاسها الأخيرة بين أصابعي...

كان عليّ أن أشرب قهوتي لكنّ الصداع الشديد الذي استفاق معي اختار قرارا آخر : أن أسفح على جسدي الملتهب ماء باردا...
ما إن خرجت من قاعة الاستحمام حتّى رنّ جرس الهاتف و رنّ صوتها:
- صباح الخير.
قد تزقزق كلّ عصافير الدنيا في صوتها متى أرادت و قد تشرق بين نبراتها شمس و تخضلّ زهرة ... انقشع الصّداع ، اضمحلّ كما لو أنّه لم يكن.
- أراك اليوم؟
طبعا ستراني...أنا في حاجة فعليّة إلى أن أراها و أرى ابتسامتها تمسح عنّي السّآمة .

شربتُ القهوة و أنا أستمعُ إلى أخبار منتصف النهار:
(الولايات المتّحدة تهيب بالعالم للوقوف في وجه الإرهاب ... جلالة الملك يترأّس حفل تدشين لـ"ـمشروع القرن" المنطقة التجاريّة الحرّة...النّقا بة العمّاليّة تنتهز الفرصة مرّة أخرى لإدخال البلبلة على استقرار البلاد... الفريق الوطني لكرة القدم يبدأ مشوار التصفيات واعدا جلالته بالترشّح...).

أترك قهوتي فإذا أنا لم أشربها ...أترك لحيتي كما هي...أقفل الباب خلفي مهرولا إليها...

الشمس وقحة ذلك اليوم تبصق حممها اللزجة..ترسم في الشوارع صراطها الأبدي بين الظلّ و النور...و الناس...الناس يسيرون كما لو أنهم لا يسيرون و السيارات نقاط في الفضاء مترددة بين التقدّم و التوقف...

أختطف مدخل العمارة المظلم ...أتمهّل من الزمن ما يكفي عينيّ كي تعتادا العتمة من دون جدوى...أتحسّسُ الدرج بقدمين متعثرتين ...أصعد، أقف أمام باب عيادتها الموصد و ما أكاد أمدّ يدي لفتحه حتّى ينفرج عن رجل وسيم ...يتجمّد أمامي بينما يبلغني صوتها من الدّاخل:
- بسرعة قبل أن يأتي...
لكنّي أتيت...
ينزاح هو مفسحا لي كي أدخل و يركض خارجا... تلقاني هي بارتباكها:
- كيف حالك حبيبي؟... جئت باكرا!!!...أقصد ... هل رأيت عمرا؟ ابن خالتي ؟؟... جاء للفحص...ليتني قدّمته لك...فرصة أخرى..
أقف أمامها أشعر بتعب يقف داخلي...أتابع ابتسامتها البليدة و الضوضاء تتسلل من النافذة المشرعة صوتها صار جزءا من الضوضاء...من السيارات المتردّدة ...من زعيق الباعة الجوّالين من الشمس المدلاة من السماء كنهد عاهرة ...من حممها اللزجة ... من الصراط بين الثلج و النار...

أستدير منصرفا...يلاحقني توسّلها ...أصفعه بالباب خلفي... أمام العمارة أقفز داخل تاكسي إلى اللامكان... أقتني خمـــري و أعود إلى بيتي على الأريكة أستلقي أتابع نشرة الأخبار ،أخبار منتصف الليل:
(الولايات المتحدة تعلن عن تصميمها على تخليص العالم من التطرّف و الأفكار الهدّامة... جلالة الملك يأمر بالعناية بالمقدرة الشرائيّة التي عرفت تراجعا طفيفا... النقابة تمضي اتفاقيّة نهائية مع الوزارة و تلغي الإضراب الذي كان مزمَعًا... الفريق الوطني يتألّق رغم الهزيمة باعتراف جميع الفنيين...)

زجاجة النبيذ يصيبها الإنهاك على يميني و بين أصابعي تقضي السيجارة أنفاسها الأخيرة...بينما يتسلّل النعاس إليّ...

- اللعنة !!! ... لماذا لا أنام في فراشي أبدا؟؟

-انتهت

MЄMßЄR مشاركات,,. : 52532

يسلمو اخي على القصة الرائعة